تسعى شركة “سبايس إكس” عبر مشروعها “ستارلينك” إلى توفير شبكة إنترنت فضائية فائقة السرعة لكل مكان حول العالم. المشروع دخل مرحلة التنفيذ، حيث أطلقت الشركة حتى تاريخ 18 آب 2020، 655 قمراً صناعياً من أصل ١٢ ألفاً، بما يفوق عدد الأقمار الصناعية لنظم الإنترنت الموجودة على مدار الأرض حالياً، وممكن أن يزيد العدد وصولاً لـ ٤٢ ألفاً .وفي هذا المشروع، يستطيع المهتمون الدخول الى موقع الشركة، يختارون البلد الذي يتواجدون فيه ويشتركون عبر البريد الالكتروني، لتصلهم آخر الأخبار عن “ستارلينك” ومتى تبدأ بتغطية بلدهم. وبإمكان العملاء الاتصال من أي مكان في العالم في نطاق الأقمار الصناعية التابعة للشركة من خلال محطات أرضية خاصة. وتسعى الشركة في المرحلة الأولى للبدء بتغطية أمريكا الشمالية وكندا، ويتوقع أن تستطيع تغطية بقية العالم بحلول عام ٢٠٢١. وهدف الشركة هو انترنت أسرع، ووقت إستجابة أقل، بسعر مقبول في كل العالم. هذا، وتتنافس الدول على السيطرة على قطاع الاتصالات العالمي، وما حرب الـ 5 Gإلاّ أكبر دليل على ذلك.
وزير الاتصالات يرحب بالمشروع مع شروط
أكد وزير الاتصالات، طلال حواط، في حكومة تصريف الأعمال لموقع “أحوال” أنّ الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الاتصالات تتابع إجراء اتصالاتها مع أهم شركات تقديم الإنترنت عبر السواتل الصناعية (الستلايت)، “لكي تتمكن من تقديم أحدث وأجود الخدمات الى عملائها، والبحث مستمر دائما من أجل تقديم أفضل خدمات الانترنت في لبنان وبأقل كلفة ممكنة”.
ولفت الوزير حواط، أنّه في حال أردات “ستارلينك” تغطية على صعيد لبنان، ما عليها سوى أن تتواصل مع الوزارة لكي تستحصل على الرخصة المطلوبة من وزارة الإتصالات، ثم من بعدها تتمكن من تقديم الخدمة لأي مستخدم في حال توافرت كل الشروط القانونية والتقنية المطلوبة.
وشدّد الوزير حواط على ترحيب الدولة اللبنانية ليس فقط بـ “ستارلينك”، بل بأي شركة تريد تقديم خدمات الإنترنت للبنان في سعي منها لتشجيع المنافسة المشروعة بين الشركات، باعتبار هذا يحقق عائدات كبيرة للدولة، فيما عرض حواط “الشرط الوحيد لأي شركة تريد دخول سوق الإتصالات اللبناني هو الإلتزام بالمواصفات المطلوبة واحترام الأنظمة والقوانين المرعية الإجراء.”
و أكد الخبير في أمن المعلومات علي مرعي في اتصال مع “أحوال” أنّ شبكة الإنترنت العالمية “ستارلينك” دون شك ستحدث تحولاً كبيراً في انتشار الانترنت، خاصة عند من يعانون من صعوبة الوصول الى الشبكة أو لا يجدون إليها سبيلاً من الأصل. وأضاف، “لو تحقق هذا المشروع من المتوقع أن يكون له تأثيرات إيجابية لناحية جودة الإنترنت وسرعة الإتصال وغيرها” ، فيما أشار مرعي إلى التأثيرات السلبية التي تتعلّق بخصوصية مستخدمي الشبكة، لافتاً ” في هذا المشروع نتحدث عن قطب واحد مزوّد للانترنت العالمي، وبالتالي كل جهاز سيكون متصلاً بهذه الشبكة التي تدار من قبل نفس الجهة، وعليه فإنّ تدفق البيانات سيكون عبرها ايضاً.”
بالمقابل، حذّر مرعي من مخاطر المشروع ، وقال “مع كل الإيجابيات التي يمكن أن يحملها هكذا مشروع إلاّ أنّه يخفي العديد من المخاطر المباشرة وغير المباشرة،” شارحاً أهمها خصوصية المستخدمين: “كلنا يعلم أنّه لا يوجد شيء آمن على الشبكة العنكبوتية، فما بالك لو إتصلت كل الأجهزة في العالم عليها؟” ولفت مرعي أنّه في هذه الحالة سنقول إنّ “الخصوصية أصبحت وهمية، ومعلومات المستخدم صارت عرضة بشكل أكبر للكشف والتخزين على المواقع العالمية التي ستزوده بخدمات جديدة، ومنها الخدمات السحابية حيث سيتم الإعتماد عليها بشكل كبير في المراحل القادمة نتيجة سرعة الانترنت وتأمين الحماية للمعلومات بشكل أفضل والكلفة المادية المتدنية بالمقارنة مع المنظومة الشخصية التي سيتكلف عليها كل شخص في حال أراد أن يحتفظ بمعلوماته بشكل أمن.” ورأى مرعي أنّ هذا الفضاء سيكون خصباً للمتصيدين على الشبكة، حيث ستكثر عمليات الإحتيال الإلكتروني والتصيّد وغيرها محذراً من ضرورة التوعية الدائمة لدى كل محطة جديدة في هذا العالم ولا سيما الأشخاص الذين سيدخلون هذا المضمار مؤخراً.
ولفت مرعي أنّ “ستارلينك” ستحظى بنفوذ كبير جداً إذا نجحت، واصفاً إيّاها بالفرصة الذهبية لقيادة الإنترنت العالمي بطريقة جديدة، مضيفاً أنّه يمكن مقاربتها بمزوّد الانترنت المحلي في أي بلد، حيث سيكون على إطلاع على كل البيانات التي تمر عبره، حيث سيكون هو المتحكّم بكل مفاصل هذه الشبكة وأماكن إتاحتها والسرعات وغيرها.
مجدداً يثبت لبنان أنّه بلد مستهلك فقط رغم إمتلاكه للكفاءات التي تخولّه أن يكون من رواد عالم الإتصالات، فبينما العالم يتنافس على القطاع، يجلس لبنان في مقعد المشاهدة ينتظر من يقدم له الخدمة، وبدل تصدير ثقافتنا نصدر العقول، وندخل ثقافات الأخرين.
محمد شمس الدين